« التنويشة الرّئيسيّة | المحطة » | إلى روح العزيز أيمن » | إضاءات » | كم من يوم تعمل في السنة؟ » | دع القلق وابدأ الحياة » | ٌقربص » | إهداء » 

Monday, December 19, 2005 

قصة قصيرة: رهان

oldpenset
oldpenset,
originally uploaded by bestyas.
رهان
الجزء الأوّل

نزل الدرج في خطوات مسرعة، متسارعة، كأن قوة خفية تدفعه تارة وتجره تارة أخرى. إنه بلا شك جبروت الواجب تجاه رفيق دربه – الصديق الحميم والوحيد– كاد يصطدم بأحد المارة حين انعطف إلى الشارع الرئيسي في اتجاه مقهى الأنس، غير أن السنوات التي قضاها يشق طريقه اليومي في زحام الأزقة الضيقة أنقذته في اللحظة الأخيرة من التصادم آلامتكافئ.

كانت الهواجس المتكالبة قد أخذت من خاطره مرتعا، وأثقلت رأسه الصغير أفكاره اليتيمة... ماذا هناك؟ يا رب أسترها مع أعز الأحباب وأصدق الأصحاب..يا رب.

لأول مرة في حياته يدعو له، لقد جمعهما القدر منذ خمسة عشر حولا في نفس المقهى الذي سيجمعهما من جديد بعد دقائق. لأول مرة يحس أن شيئا ما يقض مضجع صديقه، فسنوات الصحبة جعلته يستسلم على مضض لفكرة أن المشاكل تهاب صديقه، فلم ولن تتجرأ على التسلل إلى حياته الهانئة بهدوئها.

في آخر الشارع يقبع مقهى الأنس. لم ينجح الزمن المتقلب في تزييف أصالته، لم يتغير، ولم ينفض عنه غبار السنين المتعاقبة. بقي كما هو في ثبات. ظل وسيظل شاهدا على جرائم رواده وسماره في حق الوقت الثمين، فيه يغتال الفراغ العزيز بأحقر وأخطر أسلحة ظلت تداريها الأكف في كل يوم وفي كل ليلة، ثم تبعثرها على الطاولات الهرمة لتعيد ترتيب الجريمة من جديد. هنا، في هذا المكان وفي غيره من المقاهي تُغتصب الحضارة في اليوم آلاف المرات، ويتخدر الفكر، و تبقى الأخلاق أميرة نائمة تنتظر أميرها في قنوط واستسلام.



والبقيّة تأتي إن شاء اللّه